زيارة الوفد الأوروبي.. بين مهمة التحقيق وسيناريو المحكمة الدولية
تتجه الأنظار الى الزيارة التي تحمل طابع “المهمة” التي سيبدأها الوفد القضائي الاوروبي إلى بيروت اليوم، وتنطلق المهمة من خلال الاستماع الى عدد من الشخصيات المصرفية والمالية، دون أن يشمل ذلك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بحسب ما أكد النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، لكن هذا لا يعني ان سلامة لن تشمله التحقيقات في المراحل المقبلة بحسب مصادر متابعة، خصوصا وأن القاضية الفرنسية أود بوروزي طلبت الاستماع إلى سلامة وآخرين، بتهم تتعلق بعمليات فساد وتبييض أموال.
وفي السياق تسأل مصادر مطلعة هل المعلومات التي يسعى الوفد القضائي الاوروبي للحصول عليها هي من اجل استكمال هذا الملف في البلدان الاوروبية،
حيث يندرج ذلك في اطار المعاهدة التي اقرتها الامم المتحدة عام 2003 ودخلت حيز التنفيذ عام 2005، والتي انضم اليها لبنان عام 2008.
وتؤكد المصادر أنه من الضروري ان يتولى قاض لبناني عملية التحقيق بحضور القضاة الاوروبيين في قصر العدل، ولعل السؤال الأبرز هل سيستفيد القضاء اللبناني من هذه التحقيقات؟
كذلك تلفت المصادر إلى أن “هذه التحقيقات تندرج تحت اطار معاهدة الامم المتحدة لمكافحة الفساد، تنظم كيفية التعاطي والتحقيق في حالات الفساد التي تخرج عن اطار سيادة الدولة، فعندما تكون هناك حالة تبييض أموال والتي تحدث في أكثر من دولة تضطر الدولة إلى التعاون مع جهات ودول أخرى، وإلا لن تتمكن من الامساك بالمجرمين، فهم يقومون بتبييض الاموال في بلد ما ويلجأون للحماية في بلد آخر.
وتشير المصادر إلى أن التحقيق أخذ حيزاً كبيراً في أوروبا وهناك سبع دول على الاقل تتابع الملف، وهناك اكثر من مئة مدعي عام ومحقق ورجل شرطة يعملون على هذه الملفات منذ ثلاث سنوات، وبناء عليه تم الحجز ومصادرة العديد من الاموال العائدة لرياض سلامه وشقيقه رجا وزوجته في باريس ومحاميه مروان عيسى الخوري وعدد من الاشخاص، حيث أن هناك ما يقارب 200 مليون دولار محجوزة في اوروبا، مشيرةً الى أن جرائم تبييض الاموال حصلت على الاراضي الاوروبية، بينما جرائم الاختلاس وقعت في مصرف لبنان، وبالتالي القضاة الاوروبيين لديهم جرائم اصلية وقعت في بلدانهم ولم يعد بإمكانهم ان يتأخروا بالإدعاء، وبالتالي ما سيحصل هو استكمال للتحقيق، لا سيما بعد ان توقف التحقيق اللبناني على خلفية طلبات الرد التي فرملت مهمة القاضي زياد أبو حيدر، لذا إضطر الاوروبيون لإرسال قضاة الى بيروت لمتابعة الملف والوصول الى نتائج ملموسة”.
ختاماً لا بد من الاشارة أيضاً إلى المخاوف التي تبديها بعض الجهات السياسية من تحويل مهمة القضاة الأوروبيين الى سيناريو شبيه بالمحكمة الدولية التي تحولت من دورها القضائي الى أداة ضغط سياسية، حيث تم استخدامها عند كل منعطف سياسي خدمة لجهة ضد الجهة المناوئة لها، فهل يتكرر هذا السيناريو من خلال مهمة وفد القضاة الأوروبيين إلى لبنان تحت عنوان التحقيق في ملفات الفساد ما يشرّع الأبواب أمام التدويل السياسي والأمني والقضائي، خصوصاً وأن القضاء اللبناني بات عاجزا عن استكمال مهامه بظل الشرخ السياسي الحاصل.
يوسف الصايغ